من لفظ الطلاق، فكان صريحا، كقوله: طلقتك. ولو قيل له: أطلقت امرأتك؟ قال: نعم، كان صريحا؛ لأن الجواب يرجع إلى السؤال، فصار كالملفوظ به. ولو قال: قد كان بعض ذلك، وفسره بتعليقه على شرط، قبل؛ لأنه محتمل. وإن قال: أنت الطلاق، فهو صريح. نص عليه؛ لأنه لفظ بالطلاق، وهو مستعمل في عرفهم. قال الشاعر:
فأنت الطلاق وأنت الطلاق ... وأنت الطلاق ثلاثا تماما
ويحتمل أن لا يكون صريحا؛ لأنه وصفها بالمصدر، وأخبر به عنها، وهذا تجوز. وفي لفظ الفراق والسراح وجهان:
أحدهما: هو صريح، اختاره الخرقي؛ لأنه ورد في القرآن، فهو كلفظ الطلاق.
والثاني: ليس بصريح، اختاره ابن حامد؛ لأنه موضوع لغيره، يكثر استعماله في غير الطلاق، أشبه سائر كناياته. ما عدا هذا فليس بصريح؛ لأنه لم يثبت له عرف الشرع ولا الاستعمال. وإن لطم زوجته وقال: هذا طلاقك، فهو صريح. ذكره ابن حامد، وذكره القاضي: أنه منصوص أحمد؛ لأنه أتى بلفظ الطلاق، وكذلك على قياسه إن أطعمها، وقال: هذا طلاقك.
فصل:
وإذا أتى بصريح الطلاق وقع، نواه أو لم ينوه، جادا كان أو هازلا، لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد، الطلاق والنكاح والرجعة» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، وإذا أراد التلفظ بغير الطلاق، فسبق لسانه إليه، كأن أراد: أنت طاهر، فسبق لسانه إلى: أنت طالق، أو أراد: فارقتك بقلبي، أو ببدني، أو سرحتك من يدي أو سرحت رأسك، أو طلقتك من وثاقي، لم تطلق؛ لأنه عنى بلفظه ما يحتمله، فوجب صرفه إليه. فإذا ادعى ذلك، دين فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأنه محتمل. فأما في الحكم، فإن كان ذلك في حال الغضب، أو سؤالها الطلاق، لم يقبل؛ لأنه يخالف الظاهر من وجهين: مقتضى اللفظ، ودلالة الحال. وإن كان في غيرهما، فظاهر كلام أحمد أنه يقبل؛ لأنه فسر كلامه بما يحتمله احتمالا غير بعيد، فقبل، كما لو كرر لفظة الطلاق وأراد بالثانية التأكيد. وعنه: لا يقبل؛ لأنه يخالف الظاهر فلم يقبل، كما لو أقر بدرهم، ثم فسره بدرهم صغير، أو رديء. وإن نطق بهذه