الصلاة، لم يقع الطلاق وجها واحدا؛ لأنه وصل كلامه بما يغير مقتضاه، فأشبه ما لو وصله بشرط، أو قال: له علي درهم صغير. وإن قال: طلقت زوجتي، وقال: أردت في نكاح غير هذا، أو قال: يا مطلقة، وقال: أردت من زوج قبلي، دين في ذلك. فأما في الحكم فإن لم يكن وجد، لم يقبل؛ لأنه لا يحتمله. وإن كان وجد فهل يقبل؟ على وجهين، لما ذكرناه.
فصل:
وما عدا الصريح من الألفاظ قسمان:
أحدهما: ما لا يشبه الطلاق، ولا يدل على الفراق، كقوله: اقعدي، واقربي، وقومي وكلي واشربي وأطعميني، واسقيني، وما أحسنك، وبارك الله عليك، وأنت جميلة أو قبيحة، ونحو هذا فلا يقع به طلاق وإن نواه؛ لأنه لا يحتمل الطلاق، ولو أوقعناه، لوقع بمجرد النية، ولا سبيل إليه.
والثاني: ما يشبه الطلاق، ويدل على ما معناه، فهو كناية فيه، إن نوى به الطلاق، وقع؛ لأنه نوى بكلامه ما يحتمله. وإن لم ينو شيئا، ولا دلت عليه قرينة، لم يقع؛ لأنه ظاهر في غير الطلاق، فلم يصرف إليه عند الإطلاق، كما لا ينصرف الصريح إلى غيره. وإن كان جوابا لسؤالها الطلاق، وقع. نص عليه، لدلالة الحال عليه، فإن الجواب مبني على السؤال فيصرف إليه، كما لو قيل: أطلقت؟ فقال: نعم. وإن أتى بالكناية حال الخصومة والغضب، ففيه روايتان:
إحداهما: يقع الطلاق لأن دلالة الحال تغير حكم الأقوال والأفعال، لذلك كان قول حسان:
فما حملت من ناقة فوق رحلها ... أبر وأوفى ذمة من محمد
مدحا جميلا، وقول النجاشي:
قبيلة لا يغدرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل
هجاء قبيحا، مع استوائهما في الخبر عن الوفاء بالذمة، لدلالة الحال عليه.
والثانية: لا يقع لأنه ليس بصريح في الطلاق، ولا نوى به الطلاق، فلم يقع به الطلاق، كحال الرضا. ويتخرج من جواب السؤال مثل ذلك، ويحتمل التفريق بين الكنايات، فيما كثر استعماله منها في غير الطلاق، كقوله: اذهبي، واخرجي، وروحي، لا يقع بغير نية بحال؛ لأنه أتى بما جرت العادة باستعماله بغير الطلاق كثيرا، فلم يكن طلاقا كحال الرضا، وما ندر استعماله، كقوله: اعتدي، وحبلك على