قلنا: فيما قاله الشافعي ترك الحقيقة في الموضعين وهو ترك العمل بموجب الأمر، وترك العمل بجواز التكفير قبل الحنث حيث أراد بهذا جواز التكفير قبل الحنث ولا يجوز الصوم، وفيما قلنا تحقيق المقصود وهو القول بوجوب الكفارة فيما هو مقتض للوجوب.

والأولى فيه أن يقال: إن فيما قاله الشافعي ترك الحقيقة في أمر الشارع وهو فعل بلا خلف، وفيما قلنا ترك الحقيقة في ثم، وهو حرف بخلف وأمر الحرف أسهل من أمر الفعل؛ لما أن الحروف هي الوصلات تنوب بعضها مناب البعض في الأغلب، والاعتبار لقوة الأثر في التعليل، وإنما قلنا هذا أولى؛ لأن على التقرير الأول لزوم الترجيح بكثرة العلل وذلك لا يجوز، والرجحان لا يثبت بكثرة العلل.

ألا ترى أن أربعة شهود تعارض الشاهدين في الدعوى ولا يترجح الأكثر على الأقل، والذي يؤيد ما قلنا ما قاله في "المبسوط" في المعنى وهو أن مجرد اليمين ليس بسبب لوجوب الكفارة؛ لأن أدنى حد السبب أن يكون مؤديا إلى الحكم طريقا له، واليمين مانعة من الحنث محرمة له، فكيف تكون موجبة لما يجب بعد الحنث؟

ألا ترى أن الصوم والإحرام لما كان مانعا أي لما كان كل واحد منهما مانعا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015