مما يجب به الكفارة وهو ارتكاب المحظور لم يكن بنفسه سببا لوجوب الكفارة بخلاف الجرح فإنه طريق مفض إلى زهوق الروح.
فعلم بهذا أن الاعتبار في الأسباب للسبب الذي هو مفض إلى حكمه وضعا لا للسبب الذي ينعقد سببا للحكم بعد ارتفاع المانع، ولئن سلمنا أن اليمين سبب فالكفارة إنما تجب خلفا عن البر الواجب باليمين ليصير عند أدائها كأنه تم على بره ولا معتبر بالخلف في حال بقاء الأصل، وقبل الحنث ما هو الأصل باق وهو البر، فلا تكون الكفارة خلفا كما لا يكون التيمم طهارة مع القدرة على الماء.
وذكر هذا السؤال والجواب بعبارة أخرى: وقيل: فإن قيل: إذا حملته على واو العطف يلزم المجاز في ثم، ولو عملت بحقيقة ثم يلزم المجاز في الأمر، فيتساوي في ترك الحقيقة والعمل بالمجاز، فلم حملتم ثم على الواو؟
قلنا: لأنا لو حملنا ثم على الواو يحصل منه الإيجاب، ويكون المجاز معمولا من كل وجه، وفيما قاله الخصم تترك الحقيقة ولا يحصل العمل بالمجاز من كل وجه؛ لأن التكفير بالصوم لا يجوز قبل الحنث عنده، فحملناه على هذا المجاز تحقيقا لما هو المقصود وهو إيجاب الكفارة؛ لأن المقصود بالحديث إيجاب الكفارة.
(وإذا صح أن يستعار ثم للواو فالفاء به أولى) أي لما جاز استعاره ثم للواو مع بعد ثم عن الواو فلأن تستعار الفاء للواو أولى من استعارة ثم للواو؛