ويروى "فليكفر يمينه ثم ليأت بالذي هو خير" فحملنا ههنا كلمة ثم على واو العطف؛ لأن العمل بحقيقتها غير ممكن؛ لأن التكفير قبل الحنث غير واجب بالإجماع. فكان المجاز متعينا تحقيقا لما هو المقصود) وهو الوجوب؛ لأن البر في اليمين واجب.
وهو الأصل في الإيمان، والكفارة تجب خلفا عن البر، فلو أجريت على حقيقتها لم يحصل المقصود وهو الوجوب.
ألا ترى أنه لو كفر بالصوم قبل الحنث لا يجوز، وقوله: "فليكفر عن يمينه" شامل للكفارة بالمال والصوم، فتحمل كلمة ثم على المجاز ليبقى أمر التكفير موجبا، ولا يقال إن ثم إذا استعير للواو والواو لمطلق العطف فيقتضي الجواز كيف ما كان؛ لأنا نقول: ثم إنما استعير للواو ليكون العمل بالأمر واجبا على موجبه وهو الوجوب، فبسبب هذا المعنى قلنا: لا يجوز قبل الحنث إذ لو جاز لوجب تقرير ثم على الحقيقة إذ لا فائدة في الاستعارة لبقاء الحكم الثابت بالحقيقة بعد الاستعارة.
فإن قيل: إن كان في قول الشافعي ترك الحقيقة وهو ترك إجراء الأمر على حقيقته ففي قولكم أيضا ترك الحقيقة، وهو ترك العمل بحقيقة ثم، فمن أين ظهر رجحان قولكم على قوله؟