التحريمة فقط لا قضاء عليهم؛ لأنهم لم يقدروا على تحصيل ما أمروا به في الوقت، والقضاء خلف الأداء، فإذا لم يكن الأداء مقدورًا لهم لم يثبت القضاء كما وجد هذه الأشياء بعد انقضاء الوقت.

لكن أصحابنا قالوا: القياس ما ذكرت إلا أنا استحسنا وجوب القضاء عليهم؛ لأن القدرة الحقيقية التي هي المقارنة للفعل ليست بشرط لوجوب القضاء عليهم بالاتفاق فبعد ذلك نقول: لما لم تكن القدرة المقارنة شرطًا لوجوب القضاء وقد وجد هنا سبب أصل الوجوب وهو جزء من الوقت وأصل الوجوب لا يفتقر لإلى القدرة ووجوب الأداء مفتقر إلى القدرة لكون الأداء مطلوبًا منه، وما ذكرت من القدرة شرط لتكليف الأداء في الوقت، وهؤلاء لم يخاطبوا بالأداء في الوقت لعدم القدرة على ذلك، ولكن توهم القدرة كاف لوجوب الأداء ليظهر أثره في حق وجوب القضاء، والقدرة على هذا التفسير متوهمة؛ لأن الله تعالى قادر على أن يوقف الشمس فيمتد الوقت فيؤدي هو في الوقت إلا أنه لما كان المأمور عاجزًا عن الأداء في الوقت في الحال لم يخاطب بالأداء في الوقت، وتعتبر هذه القدرة في حق وجوب القضاء؛ لأن القضاء خلف وشرط الخلف عدم الأصل في الحال مع إمكان الأصل في الجملة وقد وجد هنا، وهذا أصل واضح لعلمائنا فإنهم قالوا: إذا حلف ليمس السماء أو ليقبلن هذا الحجر ذهبًا انعقدت اليمين للبر وهو الأصل، لكنه لما كان عاجزًا في الحال وجب القول بوجوب الخلف وهو الكفارة؛ لأن الأصل ممكن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015