(لا يجب أداؤها إلا بهذه القدرة) وهي القدرة الممكنة.

وحاصل هذا أن من كان مأمورًا بفعل في زمان كالإيمان بالله تعالى في دار الدنيا، زكالأضحية في أيام العيد، أو في مكان كذبح الهدايا في الحرم وغيرها لا بد أن يكون المأمور قادرًا على تحصيل المأمور به على الحقيقة؛ لأن تكليف ما ليس في الوسع ليس بحكمة؛ لأن التكليف ابتلاء وإنما يحصل الابتلاء بقدرة المكلف. إن أتى بالمأمور به يثاب وإن تركه يعاقب.

ألا ترى أنه لا يجوز أن يؤمر المقعد بالمشي والأعمى بالإبصار بالعين، والآدمي بالطيران؛ لأن كلًا منهم ليس بقادر على تحصيل ما أمر به.

إذا عرف هذا فنقول: من كان مأمورًا بالإيمان لم يكن له بد من القدرة على اكتساب الإيمان، وتلك القدرة تعتمد سلامة الآلات وصحة الأسباب، فكان التكليف دائرًا بتلك القدرة لا بالقدرة الحقيقية التي تقارن الفعل إذ لو كان كذلك ينبغي ألا يكون أحد مأمورًا بالفعل قبل وجود الفعل؛ لأن تقديم المشروط على الشرط محال وهذا لا يجوز؛ لأنه مأمور بالإيمان قبل حصول تلك القدرة بالإجماع، وكذلك من كان مأمورًا بالطهارة بالماء لا بد له من القدرة على تحصيل الطهارة بالماء وذلك بسلامة الآلات والأسباب، وذلك من كان مأمورا بأداء ركعتين أو أزيد منه في الوقت لم يكن بد من القدرة على تحصيل ما أمر به وذلك بسلامة الآلات والأسباب وكذلك في غيرها.

وقال زفر - رحمه الله - لما كان هذا الأصل مستقرًا إذا أسلم الكافر في آخر الوقت أو بلغ الصبي أو أفاق المجنون، ولم يبق من الوقت إلا مقدار تسع فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015