ألا ترى أن الأصل إذا لم يكن ممكنًا وهو البر لم يثبت الخلف وهو الكفارة كما في اليمين الغموس، فصارت القدرة على هذا التقرير نوعين:
قدرة ثبتت للمكلف على تحصيل ما كلف به وهي عند سلامة الآلات وصحة الأسباب وهذه القدرة ثبت أثرها في لزوم الأداء في الوقت فإذا فات يجب القضاء.
وقدرة متوهمة غير مقدوره للعبد على ما هو العادة فتعتبر هذه القدرة في حق وجوب الأداء ليثبت ذلك الوجوب في حق الخلف، والشيء قد يثبت تقديرًا وإن لم يثبت تحقيقًا.
ألا ترى أن القادر على استعمال الماء حقيقة يقدر عاجزًا تقديرًا كما في الماء المعد لدفع العطش، وكالنائم يعد قادرًا على الأداء تقديرا حتى يظهر أثر ذلك في حق وجوب القضاء، بخلاف ما إذا انقضى الوقت ثم وجد ما ذكرنا من الإسلام وغيره؛ لأن القدرة في الحال في الزمان الماضي من المستحيلات فلم يمكن أن يعد قادرا، ثم ما ذكرنا من نوعي القدرة ليس بشرط في وجوب القضاء.
ألا ترى أنه في النفس الأخير من العمر يلزمه تدارك ما فاته وليس هو بقادر على تحصيل ما أمر به في القضاء ولهذا يبقى عليه بعد الموت، وليس ذلك كالجزء الأخير من الوقت في حق الأداء؛ لأنا اعتبرنا تلك القدرة ليظهر أثرها في حق الخلف ولا خلف للخلف، فلم تعتبر وقد بقيت الفوائت عليه.