تجاراتهم وغيرُ ذلك فصح إثباتها بالرأي لاضطرارهم وعجزهم بخلاف حق صاحب الشرع، فأن صاحب الشرع موصوفٌ بكمال القدرة فلا يصح إثباته بدليل فيه شبهةٌ في أصله.
(وأما على الوجه الثاني) وهو قوله: "ولمعنى في المدلول وهو: أن طاعةَ الله تعالى لا تنال بالعقول والآراء" فهذه الأمورُ تُعقل بالأسباب الحسية بالنظر إلى المتلفات وأمور الحرب.
وذكر الأمامُ شمس الأئمة -رحمه الله-: وأما على الثاني فلأن الأصلَ فيما هو من حقوق العباد ما يكون مستدركًا بالحواس وبه يثبت علمُ اليقين كما يثبت بالكتاب والسنة.
ألا ترى أن الكعبةَ جهتها تكون محسوسةً في حق من عاينها، وبعد البعد عنها بإعمال الرأي يمكن تسييرها كالمحسوسة وكذلك أمرُ الحرب، فالمقصود ُصيانةُ النفس عما يتلفها وقهرُ الخصم وأصلُ ذلك محسوسٌ، وما هو إلا نظيرُ التوقَّي عن تناول سمّ الزُعاف لعلمه أنه متلِفٌ والتوقي عن الوقوع على السيف والسكين لعلمه أنه ناقضٌ للبينة، فعرفنا أن أصلَ ذلك محسوسٌ،