والحدود وغير ذلك.
(ومنه ما يخالف المعقول) لا يريد بهذا ما يخالف العقل في الحسن والقبح من كل وجه، فأن ذلك لا يصح أصلًا لأن ما كان حسنًا عقلًا من كل وجه لا يرد الشرعُ بخلافه، وما كان قبيحًا عقلًا من كل وجه لا يرد الشرعُ أيضًا بخلافه؛ لأن السمعَ والعقلَ حجتانِ من حجج الله تعالى فلا يتناقضان، ولهذا لم يجز النسخُ فيما حَكَمَ العقلُ بحسنه أو بقبحه من كل وجه.
ألا ترى أن حسنَ شكرِ المنعم وقبحَ كفرانه مما يستحيل استنساخه، وإنما أراد به ما يخالف القياسَ الشرعي من كل وجه كبقاء الصوم مع وجود الأكل أو الشرب ناسيًا وانتقاضُ الطهارة بالقهقهة في الصلاة.
(أما على الوجه الأول) وهو قوله: "فلمعنى في الدليل وهو أن المطلوبَ حقُ الله تعالى فلا يجوز إثباته بما فيه شبهةً" فهذه الأمور حقوقُ العبادُ فإنهم ينتفعون بها في دنياهم.
(وأما في غير القبلة فلا يشكلُ) يعني أنه من حقوق العباد وكذلك أمرُ القبلة؛ لأن أصلَه معرفةُ أقاليم الأرض لحوائجهم التي تتعلق بها؛ لأنها تتقدم في إقليم وتتأخر في إقليم، وينتفعون بمعرفتها في سيَرهم في