فإعمال الرأي فيه للعمل يكون في معنى العمل بدليل لا شبهةَ في أصله، ثم في هذه المواضعِ الضرورةُ تتحقق إلى إعمال الرأي، فإنه عند الإعراض عنه لا نجد طريقًا أخرَ وهو دليلُ للعمل به لأجل الضرورة جوَّزنا العملَ بالرأي فيه، وهنا الضرورة لا تدعو إلى ذلك لوجود دليل في أحكام الشرع للعمل به على وجه يُغنيه عن إعمال الرأي فيه، وهو اعتبار الأصل الذي قررنا يعنى به استصحاب الحال.
(وحصل بما قلنا) أي بما قلنا من الحَجر عن القياس (المحافظةُ على النصوص بمعانيها) أي بأن يتفكر في معاني النص ويعملَ بإشاراته ودلالاته، فلو اشتغل بالقياس لجاز أن يتركَ العملَ بالإشارات والدلالات مع وجودهما بسبب اشتغاله بالقياس، وهذا لأن النصوصَ قوالبَ المعاني اللغوية، فيجب علينا التبحر فيها لنقف على مضمراتها وإشاراتها واستعاراتها وكناياتها وغيرِ ذلك، فكان هو العملَ بالنصوص بجميع معانيها لا العملَ بالقياس.