إن الله تعالى استقل بالخلق والتشريع ليضع أرسخ قاعدة لكفالة حق الناس في المساواة أمام حكمه وشرعه، وقطع بذلك السبيل أمام أي فرد أو فئة من الناس قد تدعي لنفسها الفضل والتميز عن غيرها، وتذهب بالسيادة فتضع لغيرها من الأحكام ما تهواه، ومن أنظمة الحياة ما تشتهيه، سواء أضرها أم لا، ولذلك اختص الله وحده بالتشريع، كما اختص كذلك بالخلق والتكوين قال الله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} وقال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} وإنما اختص الله بالتشريع، لأن التشريع يراد به إصابة الحق والعدل، وعدم التحيز للهوى والشهوات، والإنسان مهما وضع من نظم وقوانين، فلا يمكنه إصابة الحق والعدل فيها على الدوام، بل إن أصابه مرة، أخطأه مرات، لأنه تتحكم فيه الأهواء والنزعات، وينتابه النقص والقصور، ولهذا امتلأ التاريخ البشري بأنواع كثيرة من الظلم، في الأحكام التي صنعتها يد الإنسان، أو تدخلت فيها أما كيف يتساوى الناس أمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015