شبهات الذين زعموا أنّ الرُّوح غير مخلوقة
الذين قالوا: إن الروح غير مخلوقة احتجوا بمثل قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [الإسراء: 85] ، والجواب عن هذا من وجوه:
الأول: أن الروح هنا ليست روح الآدمي، وإنما هو اسم ملك، كما قال تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا) [النبأ: 38] ، وقال: (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) [المعارج: 4] ، وقال: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم) [القدر: 4] وهذا قول معروف مشهور عند علماء السلف في تفسير الآية.
الثاني: وإذا قلنا: إن المراد بالروح هنا روح الآدمي - كما هو قول جمع من علماء السلف في الآية - فليس فيها ما يدل على أن الروح غير مخلوقة، وأنها جزء من ذات الله تعالى كما يقال هذه الخرقة من هذا الثواب، بل المراد أنها تنسب إلى الله، لأنها بأمره تكونت، أو لأنها بكلمته كانت، والأمر في القرآن يذكر ويراد به المصدر تارة، ويراد به المفعول تارة أخرى، وهو المأمور به، كقوله تعالى: (أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ) [النحل: 1] أي: المأمور به، ويمكن أن يقال أيضاً: إن لفظة (مِنْ) في قوله: