أقول: ومما يدل على كذب هذا الحديث قطعاً أن الألف السابعة هذه مضت وانقضت منذ أربعمائة سنة، وكثير من أشراط الساعة لم يقع بعد.
ومن الأحاديث الصحيحة التي لا تدل على تحديد يوم القيامة ما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قبل أن يموت بشهر: " تسألوني عن الساعة، وإنما علمها عند الله، وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ " (?) .
وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة العشاء في آخر حياته، فلما سلَّم قال: " أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد " (?) .
إن التأمل في هذين الحديثين يدل دلالة واضحة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرد في أقواله هذه قيام الساعة، وإنما أراد انقضاء القرن الذي هو فيه، أي أنه بعد مائة عام يموت كل من كان حياً عندما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ما قال، وقد فقه هذا المعنى ابن عمر رضي الله عنه، وفقَّه الناس به عندما ذهبوا مذاهب شتى في فهم معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي سنن الترمذي وسنن أبي داود بعد سياق عبد الله بن عمر لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم السابق، قال: " فوهل الناس (?) في مقالة الرسول صلى الله عليه وسلم تلك، فيما يتحدثونه بهذه الأحاديث: نحو مائة سنة، وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد، يريد بذلك: أن ينخرم القرن " (?) .
وفي صحيح البخاري وصحيح مسلم عن عائشة، قالت: " كان الأعراب