يخسف بأولهم وآخرهم» قالت: قلت: يا رسول الله, كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم, ومن ليس منهم؟ قال: «يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم». متفق عليه, وهذا لفظ البخاري.
قال المهلب في هذا الحديث: إن من كثر سواد قوم في المعصية مختارًا أن العقوبة تلزمه معهم. قال: واستنبط منه مالك عقوبة من يجالس شربة الخمر, وإن لم يشرب.
وقال النووي في هذا الحديث: من الفقه والتباعد من أهل الظلم والتحذير من مجالسهم, ومجالسة البغاة, ونحوهم من المبطلين؛ لئلا يناله ما يعاقبون به، وفيه أن من كثر سواد قوم جرى عليه حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا. انتهى.
العشرون: إن في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمانًا من تعلق العصاة بالعبد يوم القيامة، وتارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متعرض لتعلق العصاة به في موقف الحساب, ومخاصمتهم له بين يدي الجبار تبارك وتعالى.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى في كتاب الصلاة: وقد جاء الحديث قال: يجيء الرجل يوم القيامة متعلقًا بجاره, فيقول: يا رب, هذا خانني. فيقول: يا رب, وعزتك ما خنته في أهل, ولا مال. فيقول: صدق يا رب, ولكنه رآني على معصية, فلم ينهني عنها.
وروى رزين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا نسمع أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة, وهو لا يعرفه, فيقول له: ما لك إلي, وما بيني وبينك معرفة, فيقول: كنت تراني على الخطأ وعلى المنكر, ولا تنهاني.