وذكر الحميدي عن سفيان بن عيينة قال: حدثني سفيان بن سعيد عن مسعر، أن ملكًا أمر أن يخسف بقرية, فقال: يا رب, إن فيها فلانًا العابد, فأوحى الله عز وجل إليه أن به فابدأ؛ فإنه لم يتمعر وجهه في ساعة قط.
وذكر ابن أبي الدنيا عن وهب بن منبه قال: لما أصاب داود الخطيئة قال: يا رب, اغفر لي. قال: قد غفرتها لك, وألزمت عارها بني إسرائيل قال: يا رب, كيف وأنت الحكم العدل لا تظلم أحدًا, أعمل أنا الخطيئة, وتلزم عارها غيري؟! فأوحى الله إليه أنك لما عملت الخطيئة لم يعجلوا عليك بالإنكار.
قلت: ويشهد لهذه الآثار قول الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}.
ويشهد لها أيضًا ما أخبر الله به عن ثمود أنهم عقروا الناقة, وأنه دمدم عليهم بذنبهم فسواها، وإنما كان الذي عقرها واحد منهم, والباقون أقروه, ولم ينكروا عليه, فصاروا شركاءه في العار والعقوبة.
قال عبد الواحد بن زيد: قلت للحسن: يا أبا سعيد, أخبرني عن رجل لم يشهد فتنة ابن المهلب إلا أنه رضي بقلبه؟ قال: يا ابن أخي, كم يد عقرت الناقة؟ قال: قلت: يد واحدة. قال: أليس قد هلك القوم جميعا برضاهم وتماليهم. رواه الإمام أحمد في الزهد.
ويشهد لها أيضًا حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يغزو جيش الكعبة, فإذا كانوا ببيداء من الأرض