والتهاون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الأسباب لإضاعة الدين والانسلاخ منه بالكلية.
وقد روى أبو نعيم في الحلية عن طارق بن شهاب عن حذيفة رضي الله عنه قال: قيل له: في يوم واحد تركت بنو إسرائيل دينهم قال: لا, ولكنهم كانوا إذا أمروا بشيء تركوه, وإذا نهوا عن شيء ركبوه حتى انسلخوا من دينهم كما ينسلخ الرجل من قميصه.
ورواه أبو البحتري وابن أبي ليلى عن حذيفة رضي الله عنه. قاله أبو نعيم.
وقد سلك كثير من المسلمين مسلك بني إسرائيل في مخالفة الأوامر وارتكاب النواهي, فبعضهم انسلخوا من الدين، وبعضهم يكادون أن ينسلخوا منه, فلا حول ولا قوة إلا بالله العليم العظيم.
وقد ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أكثر الأقطار الإسلامية في زماننا وضعف جانبه في البلاد التي فيها أمر ونهي.
فأما الأقطار التي قد غلبت فيها الحرية الإفرنجية وانطمست فيها أنوار السنة النبوية, فتلك لا أمر فيها, ولا نهي, ولا تغيير إلا أن يكون من إفراد قليلين مستضعفين لا يؤبه لهم, ولا يستمع إلى قولهم، ولهذا عاد كثير منها إلى حال تشبه حال أهل الجاهلية