أو الإعراض عنه إذا خيف شره أو حصل منه أكبر مما هو ملابس. انتهى.

وقد دل حديث أنس رضي الله عنه الذي تقدم ذكره على أن خيار الناس من علماء وعباد يصانعون العصاة في آخر الزمان, ويمشون الحال معهم بالجلوس معهم ومواكلتهم ومشاربتهم وإظهار اللين لهم وترك الإنكار عليهم في كثير من أفعالهم السيئة، والمراد بذلك الأكثرون من الخيار لا العموم, كما تقدم بيان ذلك, ولله الحمد والمنة.

وقد وقع الادهان في زماننا من كثير ممن ينسب إلى العلم والدين, فضلا عن غيرهم, وبسبب ذلك ضعف جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وكثير من المدهنين يضمون إلى الأدهان معصية (أخرى) , وهي الوقيعة في أعراض الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؛ فينبزون بعضهم بالتشديد, وبعضهم بالمشاغبة، وبعضهم بالحمق وضعف الرأي, حيث لم يمشوا الحال مع الناس بالسلوك معهم على أي حال كانوا، وينبزون بعضهم بالكبر والجبروت إذا كانوا يهجرون العصاة, ويكفرون في وجوههم، وربما نبزوا بعضهم بالإفساد وإثارة الفتنة، وما نقموا منهم إلا أن يأمروا بالمعروف, وينهوا عن المنكر, ويقوموا لله بالقسط, لا تأخذهم في بيان الحق ونصرته لومة لائم.

وربما ضم بعض المدهنين إلى المعصيتين المذكورتين معصية ثالثة، وهي المجادلة عن العصاة أو تزكيتهم أو الحكم بعد التهم من غير مسوغ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015