والفرق أن المداهنة من الدهان, وهو الذي يظهر على الشيء, ويستر باطنه.
وفسرها العلماء بأنها معاشرة الفاسق وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكار عليه.
والمداراة هي الرفق بالجاهل في التعليم, وبالفاسق في النهي عن فعله, وترك الإغلاظ عليه, حيث لا يظهر ما هو فيه والإنكار عليه بلطف القول والفعل، ولا سيما إذا احتيج إلى تألفه, ونحو ذلك.
وأما القرطبي فقال: تبعًا لعياض الفرق بين المداراة والمداهنة، إن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا, وهي مباحة وربما استحبت، والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا.
وقد تبعهم الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمهم الله تعالى, فقال في رسالة له:
وأما الفرق بين المداراة والمداهنة، فالمداهنة ترك ما يجب لله تعالى من الغيرة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتغافل عن ذلك لغرض دنيوي وهوى نفساني, كما في حديث إن من كان قبلكم كانوا إذا فعلت فيهم الخطيئة أنكروها ظاهرًا ثم أصبحوا من الغد يجالسون أهلها, ويواكلونهم, ويشاربونهم كأن لم يفعلوا شيئًا بالأمس, فالاستئناس والمعاشرة مع القدرة على الإنكار هي عين المداهنة قال الشاعر:
وثمود لو لم يدهنوا في ربهم ... لم ترم ناقته بسيف قدار
وأما المدارة فهي درأ الشر المفسد بالقول اللين, وترك الغلظة,