[1/52] ليس من السنّة أن يجلس النَّاسُ بعد الصَّلاة لقراءة شيء من الأذكار والأدعية المأثورة ولا غير المأثورة، برفع الصّوت وهيئة الاجتماع، كما اعتادوا في بعض الأقطار. وإن هذه العادة صارت عند النّاس من قبيل شعائر الدّين، التي ينكر على تاركها والنّاهي عنها، وإنكار تركها هو المنكر.
قال صاحب ((السنن والمبتدعات)) : والاستغفار جماعة على صوت واحدٍ بعد التّسليم من الصّلاة بدعة، وقولهم بعد الاستغفار: يا أرحم الراحمين ارحمنا، جماعة أيضاً بدعة، ووصل السنة بالفرض من غير فصل بينهما، منهي عنه، كما في حديث مسلم.
وقراءة الفاتحة زيادة في شرف النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعة، واجتماعهم بعد التسليم من الصبح على ((اللهم أجرني من النار)) سبعاً، بدعة. وزيادتهم بعد ((اللهم أجرني من النار)) : ((ومن عذاب النار، بفضلك يا عزيز يا غفار)) بدعة (1) .
قال الشاطبي: ((لم يكن - صلى الله عليه وسلم - يجهر بالدّعاء والذكر على إثر الصلاة دائماً ولا يظهرها للناس في غير مواطن التعليم، إذ لو كانت على الدوام وعلى الإظهار لكانت سنّة، ولم يسع العلماء أن يقولوا فيها بغير السنّة، إذ خاصيته ـ حسبما ذكروه ـ الدّوام والإظهار في مجامع النّاس. ولا يُقال: لو كان دعاؤه عليه الصلاة والسلام سرّاً لم يؤخذ عنه.
لأنا نقول: من كانت عادته الإسرار فلا بد أن يظهر منه، إما بحكم العادة، وإما بقصد التنبيه على التشريع)) (2) كما ثبت في ((صحيح البخاري)) عن ابن عباس قال: إن رفع الصّوت بالذّكر ـ حين ينصرف النّاسُ من المكتوبة ـ كان على عهد