إذا مسَّهم الضر، في دعائهم واستعانتهم ثم يعرضون عن عبادته في حال حصول أغراضهم ... "1.
ثم قال الكاتب بعد كلامه المتقدم: "فقولهم عند سؤال النبي لهم وقت إلزامهم الحجة في المناظرة: من خلق السموات والأرض؟! فيقولن الله، وقولهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى} ما هو إلا كذبٌ وكفرٌ بنص القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في آخر الآية {إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} 2 كما قال سبحانه: {يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ} 3 ... ".
قلت: وهذا خلط عجيب وجهل مركَّب؛ إذ عدَّ اعتراف المشركين بوجود الله نوعاً من الكفر بينما هو من التوحيد الواجب، وقد سَمَّاه الله إيماناً فقال: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ باللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} 4، لكن لم يك ينفعهم ولم يخرجهم من وصف الكفر لكونهم عبدوا مع الله غيره لهذا يقول شيخ الإسلام: " ... فلا ريب أنَّه [أي: اعتراف المشركين بأنَّ الخالق الله] من التوحيد الواجب، وهو الإقرار بأنَّ خالق العالم واحد، لكنه هو بعض الواجب، وليس هو الواجب الذي به يخرج الإنسان من الإشراك إلى التوحيد، بل المشركون الذين سماهم الله ورسوله مشركين، وأخبرت الرسل أنَّ الله لا يغفر لهم، كانوا مقرين بأنَّ الله خالق كلِّ شيء فهذا أصل عظيم يجب على كل أحد أن يعرفه، فإنَّه يُعرف به التوحيد الذي هو رأس الدين وأصله"5.