الرازق المدبر] فلم يعبد غيره؟ ولم يتوكل على غيره؟ فكما أنَّه الواحد في ملكه فليكن الواحد في عبادته، وكثيراً ما يقرر تعالى مقام الإلهية بالاعتراف بتوحيد الربوبية" وهو كثير في القرآن كما ذكر ابن كثير رحمه الله، ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} 1، وقوله: {يَأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الذِي خَلَقَكُمْ وَالذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَآءَ بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَآء مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا للهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} 2، أي: فلا تجعلوا شركاء مع الله في العبادة وأنتم تعلمون أنَّه لا خالق لكم غير الله، وقد مضى تفسير ابن عباس وغيره للآية بهذا.

فتذكير الله في القرآن بآياته وأمره بتدبرها له دلالته، إذ هذا النظر والتدبر مستلزم إفراده بالعبادة وإخلاص الدين له لمن عقل، فكما أنَّه لا شريك له في الملك والخلق وهذا متقرر عند كل أحد إلا من شاء الله فكذلك لا شريك له في الطاعة والعبادة.

قال شيخ الإسلام: " ... ولهذا إنما بُعث الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، الذي هو المقصود المستلزم للإقرار بالربوبية، وقد أخبر عنهم أنَّهم {لَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ} 3، وأنَّهم إذا مسَّهم الضر ضلَّ من يدعون إلا إيَّاه، وقال: {وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَل دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} 4، فأخبر أنَّهم مقرون بربوبيته وأنَّهم مخلصون له الدين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015