كذلك الغفلة عن تذكر اليوم الآخر على الدوام، كأنك ترى الناس قد قاموا من قبورهم ووقفوا في أرض المحشر حفاة عراة غرلاً، والشمس فوقهم، والأرض قد بدلت غير الأرض التي نحن عليها، قد غيرت صفاتها، وسيرت جبالها، وعرق الناس حتى ضرب في الأرض قدر قامة رجل، وقدر سبعين ذراعاً، ومن الناس من عرقه إلى كعبيه، ومنهم إلى ركبتيه، ومنهم إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاماً، نسأل الله العافية.
وكأنك ترى الناس وقد تطايرت صحفهم، يأخذونها باليمين أو بالشمائل من وراء ظهورهم والعياذ بالله.
فكأنك ترى الموازين قد نصبت، فهذا يرجح ميزانه فيسعد سعادة لا شقاء بعدها أبداً، وذاك يخف ميزانه فيشقى شقاء لا سعادة بعده أبداً والعياذ بالله.
والناس في هذا الموقف الهائل منتظرين ماذا يصنع بهم، والمؤمن يؤتى كتابه بيمينه ويقول: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة:19]، والكافر يؤتى كتابه بشماله فيقول: {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحاقة:27] والعياذ بالله.
وكأنك تنظر إلى الناس وهم يمرون على الصراط، ومنهم من يتساقط، ومنهم من يخدش وينجو، ومنهم من يمر كالبرق، تذكر هذه المعاني، وذلك لن يتم إلا بذكر الله عز وجل بالقرآن وبسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، حتى يحيا ذلك القلب وتذهب عنه الغفلة.
إذاً: لابد من الذكر وترك الغفلة، وسائر أصول الإيمان والإسلام تحتاج إلى ذكر وبعد عن الغفلة، ((وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا)).