هناك من لا يزال يحلم بعودة العقائد الفاسدة، فمنذ سنوات قليلة مضت لا تتجاوز الثلاثين أو العشرين كان الأمر يعلن بصراحة أن الشريعة لا يحكم بها إلا في المرتبة الرابعة، قبل أن يرفعوها إلى المرتبة الأعلى وهي أنها المصدر الرئيسي للتشريع، فكان القاضي لا بد أن يحكم أولاً بمقتضى الدستور أو القانون ثم بعد ذلك العرف، فإن لم يجد في ذلك فإنه يلجأ إلى الشريعة الإسلامية، وهذا كان وما زال في كتب القوانين، فأول ما أنشأت الدولة المدنية بعد الاستقلال في مصر دونت القوانين المدنية سنة 1922م، وهذا مسجل في تلك الكتب القانونية، ولما أرادوا رفع مرتبة الشريعة رفعوها بنفس المبدأ وهو أن الأمر مرده إلى الناس، وذلك لأن الأصول التي قررتها الثورة الفرنسية الخبيثة أن الحكم للشعب، فإذا أرادوا شيئاً نفذ، وإذا أبوا أزيل ورفض والعياذ بالله! فلا يكون شرعاً إلا ما رضيه الناس، ومن هنا ما زالت أحكام غير الشريعة تحكم بلاد المسلمين؛ لأن الدستور في مصر لما عدل سنة 1981م إلى أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، لم ينص على إلغاء ما سواها، وبقي ما سن قبل هذا التاريخ عند القوم صحيحاً ملزماً للناس، فلا يخالف الدستور كما يقولون، ولو كان عين مخالفة شريعة الله عز وجل، كما لو أنه خالف القرآن صراحة كالربا مثلاً.