هداية الله تعالى لفتية الكهف

قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف:13].

قال ابن كثير رحمه الله: إنهم فتية، وهم الشباب، وهم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا وانغمسوا في دين الباطل، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم شباباً، أما المشايخ من قريش فعامتهم بقوا على دينهم ولم يسلم منهم إلا القليل، وهكذا أخبر تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شباباً.

قال مجاهد: بلغني أنه كان في آذان بعضهم القرطة يعني: الحلق التي في الآذان، فألهمهم الله رشدهم، وآتاهم تقواهم فآمنوا بربهم أي: اعترفوا له بالوحدانية وشهدوا أنه لا إله إلا هو ((وَزِدْنَاهُمْ هُدًى))، استدل بهذه الآية وأمثالها غير واحد من الأئمة ك البخاري وغيره ممن ذهب إلى زيادة الإيمان وتفاضله، وأنه يزيد وينقص، ولهذا قال تعالى ((وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)) كما قال: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} [محمد:17] وقال {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة:124] وقال: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح:4]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك، وقد ذكر أنهم كانوا على دين المسيح عيسى بن مريم والله أعلم.

والظاهر أنهم كانوا قبل ملة النصرانية بالكلية، فإنهم لو كانوا على دين النصرانية لما اعتنى أحبار اليهود بحفظ خبرهم وأمرهم لمباينتهم لهم.

وعن ابن عباس: أن قريشاً بعثوا إلى أحبار اليهود بالمدينة يطلبون منهم أشياء يمتحنون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعثوا إليهم أن يسألوه عن خبر هؤلاء، وعن خبر ذي القرنين، وعن الروح، فدل هذا على أن هذا أمر محفوظ في كتب أهل الكتاب، وأنه متقدم على دين النصرانية والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015