وعلى هذا قولُه تعالى: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) .

***

عودة إلى دعوى التناقض في القرآن

عادَ الفادي المفترِي إِلى ادِّعاءِ التَناقُضِ في القرآن، وقد سَبَقَ أَنْ ناقَشْناهُ

مُطَوَّلاً في الآياتِ التي زَعَمَها مُتَناقضة، وقد جَمَعْنا بينَها وأَزَلْنا ما يُظَنُّ أَنه

تناقُفق موهوم بينها، لكنَّ الفادي المفترِي خَتَمَ كتابَه بهذه الدعوى المردودة.

وعَرَضَ هذه الدَّعوى بأُسلوب استفزازيٍّ مُثير.

قال: " في القرآنِ نهجانِ متباينان، كأَنهما من نبييْنِ مختلفَيْنِ، تَعارَكا حتى هَزَمَ ثانيهما الأَوَّلَ، فأَسَرَهُ وعَطَّلَ رسالَتَه..

حَظَرَ الأَوَّلُ إِيذاءَ مَنْ لم يؤمنْ به، فقال: (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) .

وقال: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) .

وقالَ: (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40) .

ولكنَّ الثاني نَسَخَ حُكْمَ هذه الآيات، ولو أَنَّه لم يَمْحُ حَرْفَها من القرآن،

بل أَبقاها للتلاوةِ فقط.

واتَّخَذَ في موطنِ هجرتِه في المدينة مِنهاجاً جديداً، هو الحربُ والعنفُ والقتال! فكيفَ يوفقُ المسلمُ بين هذه الآيات ِ، المكيّ والمدنيّ، السلميّ والحربيّ؟ ".

يَدَّعي المفترِي أَن الآياتِ المدنيةَ تُناقضُ الآيات ِ المكيةَ السابقة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015