إِنَّ " الأُمِّيَّ " منسوبٌ إِلى " الأُمّ "، وهي والدةُ الإِنسانِ التي أَنجبَتْه، تقول:
أُمّ، وأُمِّيّ.
كما تقول: شافع وشافِعِي.
والأُمِّيُّ هو الذي لا يُحسنُ الكتابة؛ لأَنَّ الكتابةَ تَحتاجُ إِلى مَهارةٍ وتدريبٍ وخبرة.
وسُمّيَ الذي لا يُحسنُ الكتابةَ أُمِّيّاً، تَشبيهاً له بحالةِ خروجِه من رَحِمِ أُمِّه؛ لأَنه خَرَجَ وهو جاهل، لا يَعلمُ شيئاً، ثم حَصلَ التعليمَ فيما بَعْد.
قال تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) .
وَصَفَ اللهُ رسولَه الخاتَم - صلى الله عليه وسلم - بالأُمِّية.
قالَ تعالى: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) .
لأَنه - صلى الله عليه وسلم - لم يَتعلم القراءةَ والكتابة، وهذا الوصْفُ لا يَعْني الذَّمَّ والإِنْقاص، إِنما هو وَصْفٌ لحالةٍ وواقع، فلا يُعابُ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - على أُمِّيَّتِه؛ لأَنَه لم تُيَسَّرْ له ظروفُ التعلُّم والكتابة، لا سيَّما أَنَّ الأُميةَ كانتْ منتشرةً في بلادِ العربِ في ذلك العصر، والذين تَعَلَّموا الكتابةَ كانوا قليلين.
وجَعَلَ القرآنُ أُمِّيَّةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - دَليلاً على أَنَّ القرآنَ كلامُ الله، قال تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) .
ولم تأتِ الأُمِّيَّةُ وَصْفاً لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَحْدَه، وإِنما كانَتْ وَصْفاً للعربِ في الجاهلية، وهي إِخبارٌ عن واقِعِهم، وليس ذَمَّاً لهم.
قال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) .
وبهذا نَعرفُ خَطَأَ الفادي عندما جَعَلَ الأُمَيّينَ كُلَّ الأَقوامِ من غيرِ
اليهود، مهما كانت أَجناسُهم، عَرَباً أَو عَجَماً.
إِنَّ هؤلاء يُسَمّيهم اليهودُ " أُمَمِيِّين "، والمفرد: أُمَمِيٌّ، وهو منسوبٌ إِلى الأُمَم وليس إِلى الأُمّ.
تقول: أُمَمٌ، وأُمَمِيّ.
والأُمَمُ جمعُ أُمَّة، وهي المجموعةُ من الناس.
وأَطْلَقَ اليهودُ وَصْفَ " الأُمّيين " على العربِ الذين كانوا حولَهم.