والمرادُ به الابتداءُ الزماني.
والمعنى: كان ابتداءُ إِنشاءِ وإِخراجِ شجرةِ الزيتون
في منطقة سيناء: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ) .
وهذا الابتداءُ كانَ قبلَ آدمَ - صلى الله عليه وسلم -.
فاعتراضُ الفادي على الآيةِ دليلُ جهلِه وغبائِه، لأَنه " أَسيرُ " هذا الزمان،
الذي رأيْنا فيه سيناءَ صحراءَ جرداء.
حتى الكتابُ المقَدَّسُ الذي يؤمنُ به القِسّيسُ الفادي يُخبرُ أَنَّ الزيتونَ
كان منتشراً مَعْروفاً من قديمِ الزمان، وذَكَرَ الأَحبارُ في سِفْرِ التكوينِ من العهدِ القديم أَنَّ الزيتونَ كان مَعْروفاً قبل الطوفان، وزَعَموا أَنه بينما كان نوحٌ - صلى الله عليه وسلم - في السفينة، والطوفانُ قد غَطّى كُلَّ شيء حتى قمم الجبال، أَرادَ أَنْ يَعرفَ ماذا جرى خارجَ السفينة، فأَطلقَ الحمامةَ من السفينة، فعادَتْ لأَنها لم تجدْ مكاناً تقفُ عليه، وبعد فترةٍ أَطلقَ الحمامةَ مرةً ثانية، فعادَتْ وفي فمِها " غُصْنُ زيتون "، ومن يومِها سُمِّيت الحمامةُ حمامةَ السلام، وصارَ شعارُ السلامِ الحمامةَ وغصنَ الزيتون!! فعودةُ الحمامةِ زمنَ نوحٍ - صلى الله عليه وسلم - ومعها غصنُ زيتونٍ
دليل على أَنَّ الزيتونَ كان معروفاً زمنَ نوحٍ - صلى الله عليه وسلم -.
إِنَّ قولَه تعالى: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ) يُشيرُ إِلى ابتداءِ إِنشاءِ
الزيتونِ في التاريخِ البعيد، وأَنَّ بدايةَ هذه الشجرة كانَتْ عندَ طورِ سيناء، ثم انتشرَتْ من هناكَ إِلى باقي بلدانِ حوضِ البحرِ الأَبيضِ المتوسط، في شمالِه
وجنوبِه وشرقِه! وهذا يُشيرُ إِلى أَنَّ " سَيْناء " كانتْ أَراضِيَ زراعيةً خصبة، ثم
صارتْ صحراءَ جرداءَ بعد ذلك! ولعلَّ تَحَولَها إِلى صحراءَ كان في زمنِ
تدميرِ قومِ لوطٍ - عليه السلام -، الذي نشأَ عنه جيولوجياً حفرةُ " الانهدام " الكبير، الذي يبدأُ من شمالِ سورية، مروراً بسهْلِ الغاب، ونُزولاً إِلى الغور، ثم البحرِ الميت، ثم وادي عربة، فالبحر الأحمر، حتى مضيقِ بابِ المندب والقرنِ الإفريقي!!.
وهناك صلةٌ وثيقةٌ بين كونِ شجرةِ الزيتون المباركة، تَنشأُ وتَخرجُ لأَوَّلِ