لا سيناءُ التي من قَحْطِها أَرسلَ اللهُ لبني إِسرائيل فيها المَنَّ من السماء؟ (?) .
نقول بداية: المرادُ بطورِ سَيْناءَ في الآية شبهُ جزيرةِ سيناءَ المعروفة،
وفيها جبلُ الطورِ المعروف، الذي ناجى موسى - صلى الله عليه وسلم - ربَّه عليه.
وذُكرتْ " سَيْناءُ " مَرَّتَيْن في القرآن: المرةُ الأُولى في سورةِ المؤمنون،
والمرةُ الثانيةُ في سورة التين، في قول الله - عز وجل -: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (?) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) .
و" سَيْناءُ " الآنَ صحراءٌ في معظمِها، وفيها مناطقُ زراعيةٌ خَصْبَة، وفي
هذه المناطقِ الزراعيةِ أَشجارُ زيتونٍ جيدة، فزراعةُ الزيتونِ ناجحةٌ فيها.
واعتراضُ الفادي على الآية مردود، لوجودِ أَشجارِ زيتونٍ حتى الآنَ في
الأَراضي الزراعيةِ في سيناء، ووجودُ هذه الأَشجارِ حتى الآنَ يدل على أَنَّ
منطقةَ سَيْناءَ كانتْ منطقةَ زَيْتونٍ في الماضي البعيد، يوم كانَتْ أَراضيها خصبة، قبلَ أَنْ تتحوَّل إِلى صحراء!.
والدليلُ على هذا كلماتُ الآيةِ نفسِها، حيثُ قال تعالى: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ) ..
إِنَّ كلمةَ " شجرةً " منصوبة، لأَنها معطوفة على " جَناتٍ "
قبلَها، التي هي مفعول به لفعْلِ " أَنشانا ".
في قوله: (فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ) والتقديرُ: أَنشانا لكم بالماءِ جناتٍ من نخيل، وأَنشأنا لكم به شجرةً
خارجةً من طورِ سَيْناء!.
وإِنشاءُ الشيءِ إِيجادُه من العَدَمِ أَوَّل مَرَّة.
واختيارُ فعْلِ " أَنشأَ " في الآيةِ مقصود، لأَنه يشيرُ إِلى أَول مَرَّةٍ في التاريخ، ظهرتْ فيها جناتُ النّخيل والأَعناب وأَشجارِ الزيتون، ولعلَّ إِنشاءَ أَشجارِ الزيتون على الأَرضِ كانَ قبلَ خَلْقِ آدمَ - صلى الله عليه وسلم - بفترةٍ طويلة.
ولا يَعلمُ إِلّا اللهُ كيفَ كانَتْ " سيناء " عندما أُهبطَ
آدمُ إِلى الأَرض!!.
فالآيةُ تتحدثُ عن إِنشاءِ شجرةِ الزيتونِ لأَوَّل مَرَّة، وليس عن المناطقِ
والأَراضي التي تَنبتُ فيها شجرةُ الزيتونِ في هذا الزمان.
ثم إِنَ حرفَ الجَرِّ " مِنْ " في الآيةِ يُقَرِّرُ هذا المعنى، فهو هنا للابتداء،