وأَنصاراً وأَحباباً، وخبراءَ وناصحين ومستشارين، وإطلاعِهم على أَسرارِ
المسلمين، مع أَنهم كفارٌ أَعداء للمسلمين، حَريصون على إِفسادِهم وإِضلالِهم.
والآياتُ القرآنيةُ التي تُحَرِّمُ هذا النوعَ من الصلةِ بينَ المسلمين وأَعدائِهم
الكافرين كثيرة.
أَمّا حسنُ المعاملةِ بين المسلمين والكفارِ المسالمين فهي مَطلوبة، وتَتمُّ
بها خدمةُ الآخَرين ومساعدتُهم.
وقد فَرَّقَ القرآنُ بين الولاءِ المُحرَّم والمعاملةِ الحسنة، فقال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) .
***
وَقَفَ الفادي أَمامَ آيتَيْن، معتَرِضاً عليهما، لأَنَّهما تَدْعُوانِ في نظرِهِ
إِلى كراهيةِ كُلِّ البَشَر، وهما قولُ اللهِ - عز وجل -: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) .
وقول الله - عز وجل -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) .
وسَجَّلَ المفترِي فريتَه الكبيرة قائلاً: " لَمّا كانَ محمدٌ بمكةَ كان يُسالِمُ
جميعَ الناس، ويَحترم اليهودَ والنَّصارى والصابئين، ويَقولُ: إِنَّ لهم الجَنَّة
انظر: سورة المائدة: الآية 69،، ولكن لما اشْتَدَّ ساعِدُهُ في المدينةِ بالأَنْصار أَمَرَ بقَتْلِ جميعِ غيرِ المسلمين، أو يَدْفَعوا الجزية، أَوْ يَدْخُلوا الإِسلام، وهذا يَعْني الاقتصارَ على الأُخُوَّةِ الإِسلامية، وهَدْمَ أَركانِ الأُخُوَّةِ العَامَّة، وقَطْعَ أَواصِرِ المحبةِ وحُسْنِ المعاملةِ بينَ طَبَقاتِ البَشَر، وهكذا حَرَّمَ المسلمونَ الاستيطانَ