ذَكَرَ ما قالَه الإِمامُ البيضاويّ في تفسيرِها، ثم عَلَّقَ على ذلك بقولِه:
" ونَحنُ نسأل: ما هي نتيجةُ هذه النصيحةِ القرآنية، إِلّا الانكفاءُ على الذات؟
وكيف يُوَفِّقُ المسلمُ بين الزواجِ من كتابيةٍ، تُرَبّي عِيالَه وتتولّى أُمورَ بيتِه، وبينَ هذه الآيةِ المنغلقةِ الفكرِ؟
وما أَكثرَ الكفاءاتِ التي أُهدرَتْ بسببِ التفرقةِ الدينية!
إِنَّ المسيحية تَدْعو للسلامِ والمحبةِ وخدمةِ الجميع، على مِثالِ ما فعلَ
المسيحُ رَبُّ السلام، الذي عَلَّمَنا في مَثَلِ السامريِّ الصالحِ كيفَ نُضحِّي،
ونخدُم جميعَ الناسِ على السواء، من جميعِ الأَجناسِ واللُّغاتِ والأَديان.
إِنَّ نصيحةَ القرآنِ مناسبةٌ ما دامَ المسلمونَ غالبين، أَمّا اليومَ فهي تُقَوِّضُ روحَ
التآخي بينَ شعوبِ الأرض، وتُعَطِّلُ تَقَدُّمَ المسلمين ".
يَعتبرُ الفادي المفترِي عَدَمَ مُوالاةِ المسلمين للكافرين انكفاءً على
الذات، وتَقَوْقُعاً على النفس، وقَطْعاً للصلَةِ بالآخرين، وهَدْراً للكفاءات،
وتَفْريقاً للناس، وهذا يُعَطِّلُ تَقَدّمَ المسلمين، ويُقَوِّضُ روحَ التآخي بين
الشعوب.
ويَعتبرُ الفادي القرآنَ مُنغلقاً، وداعِياً إِلى العزلة، وهذا ليس في مصلحةِ
المسلمين، ويُقارِنُ بين القرآنِ والنصرانية، ففي الوقتِ الذي يَدْعو القرآنُ
المسلمين إِلى العزلة والتقوقعِ والانكفاءِ على الذات - حَسب رأْيِ الفادي -
تَدْعو النصرانيةُ إِلى المحبَّةِ والانفتاحِ على الآخرين، وخِدمَتهم ومساعدتِهم،
على اختلافِ أَجناسِهم ولغاتِهم وأَديانهم.
ولا يدري الفادي المفترِي كيفَ يوفق بين هذه الآيةِ المنغلقةِ الفكرِ وبين
زواجِ المسلمِ من الكتابية، التي تُرَبّي عِيالَه وتُدَبِّرُ بيتَه!.
إِنَّ الفادي لا يفرقُ - لجهْلِه - بين الولاء المحَرَّم وحسنِ المعامَلَةِ المباح،
فالولاءُ يَقومُ على التحالُفِ والتناصُرِ والتوادُدِ، وربطِ المصير بالمصير، ومحبةِ
هؤلاءِ الكفار، والرِّضا بهم، والانحيازِ إليهم، والأَنسِ بهم، وجعلِهِم أعواناً