ولا يُلامُ القرآنُ على ما أَغفَلَه من تفاصيلِ قَصصِ السابقين، إِنما يُلامُ أَوْ يتهم إِذا أَخطأَ فيما أَوردَه من قَصصهم!!.
***
في القرآنِ سورة سماها اللهُ سورةَ لقمان، وأَخبرَ المسلمين فيها عن طَرَفٍ
من قصةِ لقمانَ الحكيم.
وقال فيها: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) .
وذَهَبَ الفادي إِلى تفسيرِ البيضاويِّ ليأخذَ منه مادتَه التشكيكيةَ بالقرآن،
ونَقَلَ عنه قولَه: " لقمانُ بنُ باعوراء، من أَولادِ آزَرَ، ابنِ أُخْتِ أَيوب أَو
خالتِه، وعاش حتّى أَدركَ داودَ عليه الصلاة والسلام، وأَخَذَ منه العلم، وكان يُفتي قبلَ مبعَثِه ".
وعلقَ على كلامِ البيضاويِّ قائلاً: " فكيفَ يكونُ لقمانُ هذا نبيّاً؟
وكيفَ يعتبرُه البيضاويُّ أَنه عاصرَ أيوبَ وعاصَرَ داودَ، وبينَ أيوبَ وداودَ ما يقربُ من تسعمئةِ سنة؟!
وأَينَ بلادُ عوصٍ حيث عاشَ أَيوبُ من بلادِ فلسطينَ حيثُ عاشَ داودُ؟! ".
لم يُفَصّل القرآنُ الحديثَ عن لُقمان، وكلُّ ما ذكَرَه عنه أَنه كان رَجلاً
مؤمناً بالله، عابداً شاكِراً له، آتاهُ اللهُ الحكمةَ والعلمَ والفهم، وكان داعيةً
ناصحاً، وكان له وَلد، فقامَ بواجبِه في نصحِه وتوجيهِه وتذكيرِه وتعليمِه.
وقد ذَكرتْ سورةُ لقمانَ طَرَفاً مما وَعَظ ونصحَ به ابْنَه.
ولم تُضِفْ مصادرُنا الإسلاميةُ اليقينيةُ على ما وردَ في القرآنِ عنه،
ولذلك معظمُ ما يتعلقُ بقصتِه من مبهماتِ القرآن، التي لا نملكُ دَليلاً على
بيانها، فلا دَليلَ على زمانِه أَو مكانِه، ولا على القومِ الذين كانَ يَعيشُ معهم،