وذهب الفادي إِلى تفسيرِ البيضاوي، ليتعَرَّفَ منه على أَصحابِ الرسّ.

ونَقَلَ عنه قولَه: " أَصحابُ الرسّ: قومٌ كانوا يَعبدونَ الأَصْنام، فبعثَ اللهُ لهم " شعَيْباً فكَذَّبوه، فبينما هم حَوْلَ الرَّسِّ (وهي البئرُ غيرُ المطويَّة) انهارَتْ، فَخُسِفَ بهم وبديارِهم..

وقيل: الرسُّ: قريةٌ بجهةِ اليَمامة، كان فيها بقايا ثمود، فبُعث

لهم نبيّ فقَتَلوه، فهَلكوا..

وقيل: الرسُّ: الأُخْدود.

وقيل: الرسُّ: بئرٌ بإِنْطاكية، قَتَلوا فيها حَبيباً النجار..

وقيل: هم أَصحابُ حنظلةَ بنِ صفوان النبي، ابْتلاهم اللهُ تعالى بطيرٍ عَظيم، كان فيها من كُلّ لون، وسَمّوها عَنْقاء، لطولِ عُنُقِها، وكانت تسكنُ جَبَلَهم الذي يُقالُ له: فَتْح أَو دمخ، وتنقضُّ على صبيانهم فتخطفُهم إِذا أَعوزَها الصيْد، فدعا عليها حنظلةُ فأَصابَتْها الصاعقة.

ثم إِنهم قَتَلوه فأُهلِكوا..

وقيل: هم قومٌ كَذَّبوا نبيَّهم وَرسّوه، أَيْ: دَسُّوهُ في بئر ".

وشَكَّكَ الفادي في هذا الكلام، وهاجَمَ القرآنَ قائلاً: " ونحنُ نسألُ: ما

هذه الرسّ؟

وفي أَيِّ بلاد؟

وفي أَيِّ زمن؟

لماذا لم يُوَضّحْ لنا القرآنُ ذلك، إِنْ كانَ للرس وجود؟! (?) .

" الرَّس) ": مصدر. تقولُ: رَسَّ، يَرُسُّ، رَسّاً.

وهو بمعنى الإِدْخال. تقول: رَسَّه. أَيْ: أَدْخَلَه.

ويُطْلَقُ على البئرِ المحفورةِ في الأرض، ولكنَّها لم تُطْوَ، أَيْ: لم تُبْنَ من الداخل.

و"أَصحابُ الرسِّ ": هم قومٌ كانوا يُقيمونَ حولَ بئرٍ مطويّة، غيرِ مبنيةٍ

بالحجارة.

فقيل عنهم: أَصحابُ الرسِّ.

ولم يُفَصل القرآنُ الحديثَ عنهم، ولم يَقُصَّ قصتَهم، واكتفى بذكْرِ

اسْمِهم ضمنَ مجموعةٍ من الأَقوامِ الكافرين السابقين، في سورَتَي الفرقان وق.

فكانت قصةُ أَصحابِ الرسِّ من مبهماتِ القرآن.

ولم يَرِدْ حديثٌ صحيحٌ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يتحدثُ عنهم.

ولذلك لا نتحدَّث عنهم، ونكتفي بالإِشارةِ القرآنيةِ المجملة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015