فأول ركن من أركان الإسلام شهادةُ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسولُ الله. ومعناها الإقرار بوجود الله تعالى ووحدانيته، والتصديق بنبوة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ورسالته. وقد ذكر «البخاريُّ» (?) تعليقًا: (بُني الإسلام على خمس: إيمان بالله ورسوله..) وذَكَرَ بقيةَ الحديث. وفي رواية لـ «مسلم» : (بُني الإسلام على خمسةٍ: على أنْ يُوَحَّدَ اللهُ) وفي رواية له: (على أن يُعْبَدَ الله ويكفرَ بما دونه) (?) . وبهذا يُعلم أن الإيمانَ بالله ورسوله داخلٌ في ضمن الإسلام (?) . وهذا الركن هو الأساس بالنسبة لبقية الأركان.
الركن الثاني: إقام الصلاة
الصلاةُ شعارُ المسلم، وعنوانُ المؤمن، وبها تمييز المسلم من الكافر. قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} (النساء: 103) . ومَنْ حافظ عليها وقام بها في أوقاتها، وأدَّاها كاملة بشروطها وأركانها، وراعى آدابَها وسُنَنَها قَطَفَ ثمرتهَا، كالصلة بالله تعالى، ومراقبته، وترك الفحشاء والمنكر.
قال الله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت: 45) . قال «ابن عباس» - رضي الله عنهما -: «ليس لكَ من صلاتك إلا ما عقلت منها» (?) . وقال الله تعالى: {وَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} (الماعون: 4 - 5) . وقالت طائفة من السلف: هم الذين يؤخرونها عن وقتها. وقال بعضهم: هم الذين لا يؤدونها على الوجه المأمور به، وإن صلاها في الوقت فتأخيرها عن الوقت حرام - باتفاق العلماء، فإن العلماء متفقون على أن تأخير صلاة الليل إلى النهار، وتأخير صلاة النهار إلى الليل بمنْزلة تأخير صيام شهر رمضان إلى شوال (?) .
وقال «عمر بن الخطاب» - رضي الله عنه -: (الجمع بين صلاتين من غير عذر من الكبائر) (?) . وقال «عمر» أيضًا: (لاحظَّ في الإسلام لمن تَرَكَ الصلاة) (?) . وقد عدَّدَ «الشاطبي» (?) بعضَ مقاصد الشارع من الصلاة: أصلُ مشروعية الصلاة الخضوعُ لله سبحانه بإخلاص التوجُّه إليه، والانتصابُ على قدم الذلة والصغار بين يديه، وتذكيرُ النفس بالذكر له. قال تعالى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (طه: 14) . وفي الحديث: (إن المصلِّي يناجي ربه) (?) .
(1) النهي عن الفحشاء والمنكر: قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت: 45) .
(2) الاستراحة إليها من أنكاد الدنيا. قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: (أَرِحْنَا بها يا