والقرآن الكريم يوجه نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى تلك الوسائل ثم يربط قلوبهن باللّه، ويرفع أبصارهن إلى الأفق الوضيء الذي يستمددن منه النور، والعون على التدرج في مراقي ذلك الأفق الوضيء: «وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ، وَآتِينَ الزَّكاةَ، وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ..
وعبادة اللّه ليست بمعزل عن السلوك الاجتماعي أو الأخلاقي في الحياة إنما هي الطريق للارتفاع إلى ذلك المستوي والزاد الذي يقطع به السالك الطريق. فلا بد من صلة باللّه يأتي منها المدد والزاد. ولا بد من صلة باللّه تطهر القلب وتزكيه. ولا بد من صلة باللّه يرتفع بها الفرد على عرف الناس وتقاليد المجتمع وضغط البيئة ويشعر أنه أهدى وأعلى من الناس والمجتمع والبيئة. وأنه حري أن يقود الآخرين إلى النور الذي يراه لا أن يقوده الآخرون إلى الظلمات وإلى الجاهلية التي تغرق فيها الحياة، كلما انحرفت عن طريق اللّه.
والإسلام وحدة تجمع الشعائر والآداب والأخلاق والتشريعات والنظم .. كلها في نطاق العقيدة. ولكل منها دور تؤديه في تحقيق هذه العقيدة وتتناسق كلها في اتجاه واحد ومن هذا التجمع والتناسق يقوم الكيان العام لهذا الدين. وبدونهما لا يقوم هذا الكيان.
ومن ثم كان الأمر بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة اللّه ورسوله، هو خاتمة التوجيهات الشعورية والأخلاقية والسلوكية لأهل البيت الكريم. لأنه لا يقوم شيء من تلك التوجيهات بغير العبادة والطاعة .. وكل ذلك لحكمة وقصد وهدف: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» ..
وفي التعبير إيحاءات كثيرة، كلها رفاف، رفيق، حنون .. فهو يسميهم «أَهْلَ الْبَيْتِ» بدون وصف للبيت ولا إضافة. كأنما هذا البيت هو «الْبَيْتِ» الواحد في هذا العالم، المستحق لهذه الصفة. فإذا قيل «الْبَيْتِ» فقد عرف وحدد ووصف. ومثل هذا قيل عن الكعبة. بيت اللّه. فسميت البيت. والبيت الحرام. فالتعبير عن بيت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - كذلك تكريم وتشريف واختصاص عظيم.
وهو يقول: «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ - أَهْلَ الْبَيْتِ - وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» .. وفي العبارة تلطف ببيان علة التكليف وغايته. تلطف يشي بأن اللّه سبحانه - يشعرهم بأنه بذاته العلية - يتولى تطهيرهم وإذهاب الرجس عنهم. وهي رعاية علوية مباشرة بأهل