هذا البيت. وحين نتصور من هو القائل - سبحانه وتعالى - رب هذا الكون. الذي قال للكون: كن. فكان. اللّه ذو الجلال والإكرام. المهيمن العزيز الجبار المتكبر .. حين نتصور من هو القائل - جل وعلا - ندرك مدى هذا التكريم العظيم.
وهو - سبحانه - يقول هذا في كتابه الذي يتلى في الملأ الأعلى، ويتلى في هذه الأرض، في كل بقعة وفي كل أوان وتتعبد به ملايين القلوب، وتتحرك به ملايين الشفاه.
وأخيرا فإنه يجعل تلك الأوامر والتوجيهات وسيلة لإذهاب الرجس وتطهير البيت. فالتطهير من التطهر، وإذهاب الرجس يتم بوسائل يأخذ الناس بها أنفسهم، ويحققونها في واقع الحياة العملي. وهذا هو طريق الإسلام ..
شعور وتقوى في الضمير. وسلوك وعمل في الحياة. يتم بهما معا تمام الإسلام، وتتحقق بهما أهدافه واتجاهاته في الحياة.
ويختم هذه التوجيهات لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل ما بدأها به .. بتذكيرهن بعلو مكانتهن، وامتيازهن على النساء، بمكانهن من رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وبما أنعم اللّه عليهن فجعل بيوتهن مهبط القرآن ومنزل الحكمة، ومشرق النور والهدى والإيمان: «وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ. إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً» .. وإنه لحظ عظيم يكفي التذكير به، لتحس النفس جلالة قدره، ولطيف صنع اللّه فيه، وجزالة النعمة التي لا يعدلها نعيم.
وهذا التذكير يجيء كذلك في ختام الخطاب الذي بدأ بتخيير نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بين متاع الحياة الدنيا وزينتها، وإيثار اللّه ورسوله والدار الآخرة. فتبدو جزالة النعمة التي ميزهن اللّه بها وضآلة الحياة الدنيا بمتاعها كله وزينتها (?) ..