ومن الأعمال الجليلة التي صنّفت متضمنة بيان منزلة الإمام المقرئ يعقوب: التذكرة في القراءات الثمان للإمام أبي الحسن، طاهر بن غلبون، المقرئ، الحلبي (?)، وكذلك: التّلخيص في القراءات الثمان للإمام أبي معشر عبد الكريم بن عبد الصّمد الطبري، وقد ضمّ كل منهما قراءة يعقوب إلى السبعة الكبار، وبسطوا أصولها وفرشها (?).
كذلك فإن خلف بن هشام راوية حمزة انفرد بقراءة مستقلة مخالفة لأصول حمزة، وهو مشهور بعلو الإسناد، والرسوخ في العلم.
ومع ذلك فلم يستطع أحد أن يلحق هذه القراءات الثلاث بالسبع المتواترة، بالرغم من اشتهار أسانيدها، ومنزلة رجالها، وكان علينا أن ننتظر خمسة قرون أخرى حتى يجيء ابن الجزري؛ الذي بلغ في القرن التاسع منزلة فريدة في مرجعية الإقراء تسامي ما كان عليه ابن مجاهد في القرن الرابع.
وفي مطلع القرن التاسع أصبح ابن الجزري مرجع العالم الإسلامي في القراءة والإقراء، ولذلك فإنه أعاد على بساط البحث مسألة القراءات الثلاث التي اختلف في تواترها، وقام بإثبات تواتر أسانيدها بالحجج الواضحة، ثم كتب نظما من البحر الطويل على نهج الشاطبية أسماه: الدّرة المضيّة في القراءات الثلاث تتمة العشر، وبذلك فإنه بوّأ هذه القراءات منزلة السبع المتواترات التي قررها ابن مجاهد.
ثم صنّف بعد ذلك كتابه الشهير: النّشر في القراءات العشر، وأورد فيه زيادة على القراءات الثلاث، وجوها أخرى للأئمة السبع لم يكن الشاطبي قد أشار إليها من قبل.
فمن ذلك أن الشاطبي أشار إلى أن المنقول عن عاصم أنه يمدّ المنفصل، وذلك في قوله: