مضى القرن الرابع الهجري، وقد أطبقت الأمة على تواتر القراءات السبع كما اختار ابن مجاهد، وراحت المدارس الإسلامية تبذل الجهود المتضافرة في إظهار أسانيد هذه القراءات السبع، وتحديد رواتها وطرقها، حتى بلغت في ذلك الغاية.
ولكن القراءات الأخرى لم تعدم من يدافع عنها، ويحاجج لها، ويكشف عن أسانيدها بغرض إثبات التواتر في روايتها وإسنادها.
وبالفعل فقد أنكر كثير من العلماء على ابن مجاهد إعراضه عن قراءة أبي جعفر، يزيد بن القعقاع (?)، وهو الذي قال فيه مجاهد بن جبر (?)، الإمام المفسّر: لم يكن
بالمدينة أحد أقرأ للسّنة من أبي جعفر، وهو من أعلى القرّاء إسنادا إذ توفي عام (130 هـ).
كما اعترض على ابن مجاهد في تركه لقراءة يعقوب بن إسحاق الحضرمي (?)، البصري، وقد أطبقت كلمة القرّاء والحفّاظ على الثقة به، وعلوّه في الإسناد، وإمامته (?)، حيث انتهت إليه رئاسة الإقراء بعد أبي عمرو البصري (?)، ووصفه أبو حاتم السجستاني (?) بأنه أعلم من رآه بالحروف، والاختلاف في القرآن وعلله، ومذاهب النحو.