إذا ألّف أو ياؤها بعد كسرة ... أو الواو عن ضمّ لقي الهمز طوّلا
فإن ينفصل فالقصر بادره طالبا ... بخلفهما يرويك درّا ومخضلا
فأخبر أن الذين قرءوا بقصر المنفصل هم المرموز إليهم بالباء وهو قالون، وبالياء وهو السوسي، وبالدال وهو ابن كثير، فتعيّن للباقين المدّ لا غير.
ولكن ابن الجزري تعقبه في ذلك فقال في الطّيبة:
... ... وقصر المنفصل ... لي بن حما عن خلفهم داع ثمل
فأخبر أن الذين قرءوا بقصر المنفصل هم المرموز إليهم باللام وهو هشام، وبالباء وهو قالون، وب (حما) وهم أبو عمرو ويعقوب، وبالعين وهو حفص بخلاف عنهم، ثم بالدال وهو ابن كثير المكي، وبالثاء وهو أبو جعفر، يزيد بن القعقاع بوجه واحد.
والأمثلة في هذا الباب أكثر من أن تحصى.
ولم يكن ابن الجزري لينفرد بهذا الاختيار من تلقاء نفسه لو لم تكتمل لديه آلة هذا العلم من المصادر الغنية الموثوقة التي تمثل خلاصتها زبدة هذا العلم ومادته، وهي التي لا زالت مرجع القرّاء والحفاظ في هذا الفن.
وخلال الفترة ما بين ابن مجاهد، وابن الجزري كتبت الكتب الأمهات في علم القراءات، وأصبح واضحا لكل مشتغل بهذا العلم أن هذا العلم قد نضج واكتمل، وأن الحاجة
فيه إلى الترتيب، والاختيار باتت مؤكدة، وأصبح العلماء ينتظرون كلمة الحسم التي جاء بها ابن الجزري فيما بعد.
ونستعرض هنا أهم الأعمال التي تمّ إنجازها خلال هذه الفترة، وهي في الوقت نفسه المصادر الأم التي اتّكأ ابن الجزري عليها حينما قدّم للناس كلمة الفصل في القراءات المعتمدة، وهي على ترتيب وفيات مؤلفيها:
- كتاب السبعة: للإمام الحافظ أبي بكر، أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد، التميمي، البغدادي، المتوفّى بها سنة (324 هـ) (?).