قد بالغ في هذه المسألة فقال: إذا قتل كافر كافراً ثم أسلم القاتل سقط عنه القود وهي أحد قولي الشافعي وقال علماؤنا لا يسقط عنه القود لأن المراعى إنما هي حالة الوجوب وقد استحقَّ دَمه فيما طرأ بعد ذلك لا يسقط ما تقرر وجوبه، وشبهة الأوزاعي أن الإِسلام صفة وفضيلة طرأت على المحلِ وإنما وجبَ له قتل نفسِ كافرة فكيف يأخذها مسلمة، ألا ترى أن القصاصَ إذا وجبَ على المرأة ثم طرأ عليها الحمل فإنه لا يستوفى منها.
قلنا: الحامل معها عين أخرى لم تستحق عقوبة، فلا تحمل عليها هذه المسألة، والمعنى دقيق فَلْيُطلَبْ في مسائل الخلاف وقد اختلف قول مالك في جريان القصاص بين المسلمينَ وأهل الذمة في الأطراف وهي عضلة من العضَل لأن علماءنا الربانيين وهموا فيها، فظنوا أن مالكًا لحظه (?) على هذه الرواية أن الأطراف جارية مجرى الأموال كما يقضى فيها باليمين مع الشاهد ولو كان ناظراً إلى هذا الملمح لانهدم عليه قطع الأيدي بيدٍ واحدة وإنما نظرَ والله أعلم إلى أن يد المسلم تؤخذ بالجناية على مال الكافر وذلك أنه "يقطع" (?) إذا سرقه فكيف لا يؤخذ بالجناية على يده إذا قطعها، بخلاف النفس فإنها أعظم حرمة، ونظر على الرواية الأخرى وهي الصحيحة في امتناع القودِ بينهما في الأطراف إلى أنَ يدَ المسلم إنما قطعناها بسرقة مالِ الكافر لأنها جناية على جميع المسلمين، ولذلك وجب قطع السرقة لله بخلاف القصاصِ، فإنه حقه خالصاً فاعتبر فيه مساواته (?) وصار دوران (?) قطع السرقةِ من مسألتين أن يقتل المسلم الكافر غيلة، فإنه يقتل به عندنا لأن الجناية هنالك على جميع المسلمين فلذلك يتخلص الوجوب لله فيه ولا يقف على خيرة المجني عليه ويتفرع على هذه المسألة أن الحرّ لا يقتلُ بالعبد سواء كان له أو لغيره وإن كان قد روى الترمذي وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من قتل عبده قتلناه) (?) ولكن هذا لم يصح سندًا ولا قال به أحد ممن