يلتفت إليه والرق أثر من أثار الكفر فيعمل على الأصل في التحريم كالعدة فإنها لما كانت من أثرِ النكاح عملت عمل أصلها في تحريم نكاح أختها وأربع سواها، والذي يدل على افتراقِ حرمة الحر من حرمة العبد في الغرض الزاجر وهو القتل تفاوتهما في البدل الجابر وهي الدية، فإذا قتل عبداً لزم ذمته عشرة دنانير وإذا قتل حراً لزمَ ذمته ألف دينار مقدرة شرعاً لاحترامها واحترام محلها عن مذلة التسويق ومهانةِ التقويم فإن قيل: فلم تراعوا المساواة حين قتلتم الجماعة بالواحد وهلًا طردتم أصلكم كما فعل أحمد بن حنبل حين مَنعَ من ذلك (?). قلنا: إذا اعترض اللفظ على القاعدة وخالف معنىً من آخر الكلام أوله سقط فكيف إذا خالفه كله. وبيانه أن الله تعالى قال: {ولكم في القصاص حياةٌ يا أولى الألباب} المعنى أن القاتل إذا علم أنه يقتل كفَّ لصينت الأنفس في محالها وحقنت الدماء في أهلها فلو لم تقتل الجماعة بالواحد لاستعان الأعداء على العدو فقتلوه حتى يبلغوا أملهم فيه ويسقط القود عنهم بالاشتراك في قتله وقد وفّي مالك هذا النظر وأعطاه قسطه من الكمال فقال إنه يقتل الممسك على القاتل مع (?) القاتل وقال أبو حنيفة والشافعي لا قود على الممسك لقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: (اقتلوا القاتل واصبروا الصابر) (?) ولأنه لم يقتل فكيف يُقتل. قلنا: أما الحديث فلا يساوي سماعه، وأما المعنى فهو بضد ما قالوا، الممسك هو القاتل حقيقةً أو كلاهما قاتل، والدليل عليه إجماعنا على أنه لو أمسكه على سبعٍ فأكله لزمه القود فإن قيل: لأن فعل السبع جبار قلنا وفعله هو معتبر ألا ترى أنهما يشتركان في الدية وهو البدل الجابر، كذلك يجب أن يشتركا في القصاص وهو العوض الزاجر.
قوله تعالى: {الحر بالحر والعبدُ بالعبد والأنثى بالأنثى} لم يمتنع من قتل الذكر