إذا رجلٌ يقول أنشد الله والإِسلام الدينار، فأعطاهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعلامةٍ واحدة, لأنَّ للرجل أن يقول أخذته ليلاً فربطته في الوكاءِ لا أعرفِ إلا عددَه ويحتمل أن يقُولَ خرقته وخَيطه كذا وكذا وأما العدد فقد أنفقتُ منه وأما سكته فكانت عندي سكك لا أدري أي هذا منها وأما الوكاء فيقول كنتُ أحل وأشد ولم يكن لذاك وكاء واحد. فالدليل الواحد يكفيه لا سيما وليس لأحدٍ عليه يدٌ تدعيه ولو رأيته في الطريق يأخذها لما كان لك أن تعترضه، وإن كانت في تلك الحال وديعة لجميع المسلمين وهي الآن إنما هي وديعة عندك فسلمها إلى من جاء ولو بدليلٍ واحدٍ فيها. وأما اليمين فلا أراها, لأن موضعَ اليمين أن يكون في مقابلة دعوى، فإن احتج محتج بيمين الاستبراء فقد تقدمتها الدعوى، فأما قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فاستبق بها هي قوله فشأنك بها بل هو أكثر وأعم وقد روى النسائي أبين من هذا في الغرض. فقال: (ذلك مال الله يؤتيه من يشاء) (?) وهذا عام في الفقير والغني وقد اختلفَ في ذلك علماؤنا على قولين:
أحدهما: يأكله الغني وبه قال الشافعي.
والثاني: ألاَ يأكلها إلا إذا كان فقيرًا وبه قال أبو حنيفة.
واحتج الشافعي بحديث أبي بن كعب حين قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (استبقها). وكان أبي بن كعب حينئذ (?) من المياسير وقال أصحاب أبي حنيفة كيف يصح هذا للشافعي، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة في بيرحاء تصدَّق بها فوضعها أبو طلحة في أقاربه وفي بني عمه ومنهم أبي بن كعب (?). وقال علماؤنا المحررونَ هذه المسألة تنبني على أن اللقطة هل