جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال: (اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرِّفها سنةً، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها) قال مالك: ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها (?). زاد البخاري ومسلم: فإن جاءَ صاحبُها وإلا فاستنفقها (?). زاد الجميع فإن جاء صعبها وإلا فشأنك بها. واتفقوا على اللقط الواحد في الغنم والإبل، وروي في الصحيح عن أبي بن كعب: التقطت صرة فيها مائة دينار فجئت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (عرفها حولًا) ثم جئته فقال: (عرفها حولًا آخر)؛ وذكر ثلاثة أحوال. خرجه البخاري وغيره (?). فبين النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث أصولَ أحكام اللقطة.
زاد البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لقطة الحاج (?). اتفق الأئمة كلهم على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته حين عظَّمَ حرمة مكة. قال: (ولا تحل لقطتها إلا لمنشدِ) (?)، فأما سؤال السائل عن اللقطة فإنما كان عما يفعلُ بها وعنه إجابة النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه لا عمّا قال بعض علمائنا، من أنه يحتمل أن يكونَ سؤاله أيأخذها أم لا، فإنه لم يجد لذلك جواباً في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه معلوم من غيره من الأدلة مفهوم من قوة الحديث لأنه لما قال في ضالة الإبل: مالك ولها. وقال في ضالة الغنم: (هي لك أو لأخيك أو للذئب)، تبين أنه نهى عن أخذ الإبل وأباح أخذ الغنم ويرجع ذلك إلى نية الآخذ، فإن أراد بأخذها حفظها على صاحبها فيا ما أحسن ذلك، لا سيما في هذا الزمانِ الذي يخاف عليها أن تقع في يد من يتخذها مالاً من ماله، وأما إن قصد أن يأخذها لنفسه فذلك حرام، إلا أن تكون اللقطة من الطعام الذي لا يبقى فليأخذها وليأكلها في الحال، فإن أكلها أولى من فسادها وأما إن كان يسيراً مما لا يبقى فرخص مالك في كتاب محمَّد في الدريهمات اليسيرةِ أن يأخذها