قال أبو بكر رضي الله عنه: "إنَّ الجدَّ أب" (?)، ولم يقل بذلك الشافعي، فقد وجب والحالة هذه أن تقول متى ما كان الواهبَ صحيحاً ماله له لم يتعلق به حقٌّ لغيره، وجبَ عليه أن يفي بعقده ويسلم ما وهب لصَاحبه، فإذا مَرضَ تعلقَ به حق الغيرِ فلو كان عن معاوضةٍ محضةٍ لوجب التسليم "فيه" (?)، وإذا كانَ عن تبرع، فحق الغير إذا تعلقَ بالمالِ منع من التبرع أصله إذا تعلقَ بالمال حقوق الغرماءِ، وعلى هذه النكتة نبّه الصّديق حين قال: وإنما هو اليوم مال الوارث، فوجدنا لرد الهبة في المرض أصلاً فحملناه عليه وبقيت الهبة في الصحةِ على أصل العقودِ وعمومِ الكتاب أولاً ترى مسألة أن الزوجة لما تعلق بمالها حق الزوج لم يجز لها عطية إلا بإذن زوجها على ما بيناه في مسائل الخلاف وقد روى أبو داود (?) والنسائي (?): (لا يجوز للمرأة عطية إلا بإذن زوجها، إلا أن يكون عتقًا)، فقد روى البخاري أن ميمونة كانت لها جارية فأعقتها، فلما جاء النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إليها قالت: يا رسُولَ الله أشعرتَ إنِّي قد أعتقتُ جاريتي، قال: (أما إنك لو أعطيتها لأخوالك لكان أعظم لأجرك) (?) فبينَ أن الصدقة أفضل من العتقِ ولكن مع الحاجة، فأما مع عدم الحاجةِ فالعتق أفضل، وقد بيناه في شرحِ الحديث مستثنى من الأصل. ولما كانت الهبة عقداً لازماً بالقولِ عندنا وبالقبض إجماعًا ووقعَ التمليك فيها وكان كل ذي ملكٍ أولى بملكه، وكان كل ذي حقٍّ أخصَّ بحقهِ استثنت الشريعَة من ذلك ما رأت أن فيه مصلحة للطائفتين من الواهبِ والموهُوبَ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيما رواه عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جَده (?) وما روَاه ابن عباس