فإن قيل فقد قال (أشهد على هذا غيري)، قلنا هذا هو تأكيد التحريم لأن أمراً لا يرضاه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يشهد به من ذا الذي يرضَاهُ أو يشهد به، وسائر ألفاظ الحديث نص صَريح فلا يرد بهذا المحتمل. وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية، ويثيب عليها (?).

وروى البخاري أنه كان لا يرد طيباً لمحبته فيه (?)، وجاء حديث وقد هوازن وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين في خُطْبتِهِ: (إن إخوانكم هؤلاء جاؤوا تائبين) إلى قوله (فمن أحب منكم أن يطيب بذلك نفساً فليفعل، ومن أحب أن يبقَى على حظه حتى نُعطيه إياهُ من أولِ ما يفيء الله علينا فليفعل) (?).

مفاقهة:

لما رأى الناس أن عقدَ الهبَة شرع محض، قالوا: إنه لضعفه لا يلزم إلا بالقبض وإليه صغى كثير من الفقهاء منهم (ش) و (ح) وعجباً لهم من أي أصلٍ نزعوا إلى هذا الفصل والهبة عقد من العقود ومبنى العقود على اللزوم ومحلها القول منه يكون وبه يلزم وما الإنسان لولا اللسان، وقد بين الله ذلك بقوله: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) وما بقي بعد قول هذا وهبت وقول الآخر قبلت.

والكفالة عقد باتفاق ويلزم بالقول بإجماع من الأمة فكيف غفلوا عن هذا فإن قيل كذلك كنا نقول كما ذكرتم لولا قول أبي بكر الصديق لعائشة: "لو كنت حزتيه لكان لك وإنما هو اليوم مال الوارث" (?) فبين أن الهبة إنما تكون هبَّة بالقبض وأن انفرادها عنه مبطل لها قلنا كيف تعلقتم بهذا في مثل هذا الأصلِ العظيم وهو قول الواحد من الصحابة، وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015