فإن ما ذكر الله منها مقطوع به وكيفية قضاء سليمان لا تعلم أبداً لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبلغنا عنه فيه شيء وطريق كعب ومحمد بن كعب ووهب بن منبه بهما لا علم فيها ولا اهتداء وعليهم عوّل المفسرون فسودوا القراطيس بما لا تقوم به حجة ويكفينا قول النبي صلى الله عليه وسلم للسلوك محجة.
وقد اختلف علماؤنا هل هذا الذي قضى به النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث البراء حكم مبتدأ في الشرع أو هو مبني على عادة الناس فإن كان حكماً مبتدأ في الشرع فبها ونعمت إنه لأصل وإن كان هو مبني على العادة فإن أرباب المواشي بالنهار معها فهم يتولون حفظها فعلى هذا إن وجد خلاف العادة بأن يهملوها أو يكونوا معها ويغفلوا عنها فإن الضمان واجب عليهم لأن محل الحكم قد عدم حسب ما رتبه عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وانعدم الحكم.
هذه المسألة اختلف فيها العلماء فقال أبو حنيفة ومالك يضمنون إذا كانوا مشتركين وقال (ش) مثله لا ضمان عليهم لأصله الذي مهده بزعمه وهو أن ما قبض بإذن المالك لا ضمان فيه على تفصيل قررناه في مسائل الخلاف ومعول أبي حنيفة على معان لا تقوم على ساق وعمدتها على المصلحة التي مهدناها فإن العمال لو علموا أن الضمان ساقط عنهم لادعوا التلف وتلفت أموال الناس فقويت التهمة وتعينت المصلحة فوجب الضمان وتركب على هذا عند علمائنا درج الصائغ وغاشية الحائط وهو مثل أصله ومن فرق فقد نقض الأصل.