الوعيد لا يكون عارفا بحكم الله وإنما ينبغي لك أن تعرض بعضها على بعض وترد البنت منها إلى الأم (?) وبالجملة فآخر الحال أن إثبات الشفاعة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فيها تحقيق الوعد والوعيد وإن المرجئة لا ترى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - شفاعة لأن لا إله إلّا الله تغني عنها والخواج والقدرية لا تراها أيضاً لأن الخلود عندهما يمنع منها فالحمد لله الذي وفق عصابة الحق للإقرار بحق الله والعلم بصفات الله والاعتراف بمنزلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
إذا ثبت هذا فقوله (فليتبوأ مقعده من النار) مطلق مقيد بالمغفرة وقوله في الحديث الثاني (حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار) عموم عارضه (من كان آخر كلامه لا إله إلّا الله حرم الله عليه النار) فتقابل الخبران يوجب الرجوع إلى الآية المحكمة {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (?) الآية فهي أم الوعد والوعيد ووجب النظر إلى الشفاعة وإلى هذا المعنى أشار بعض الناس في قوله في هذا الحديث ونظائره معناه حرم الله عليه النار في وقت دون وقت وفرّ بعض علمائنا إلى أن قال إن معنى ذلك إذا كان مستحلاً فرده إلى الكفر وهذا رجوع منهم إلى قول المبتدعة من حيث لا يشعروا على ما بيناه في موضعه وإسقاط لأحكام المذنبين وإخراج لهم عن القرآن والسنة وذلك باطل قطعاً.
اختلف العلماء في كيفية اليمين وفي موضعها فقال الشافعي تغلظ اليمين بالألفاظ العشرة (?) وقال بعض أصحابنا تغلظ اليمين بالله الذي لا إله إلّا هو (?) فأما قول أصحاب الشافعي في الألفاظ العشرة فدعوى عريضة لأن منها ما ليس من أسمائه الحسنى وهو قوله الطالب ونحوه وإن كان التحليف بأسمائه الحسنى فما معنى عشرة دون تسعة وتسعين هذا تحكم وأما من زاد من أصحابنا الذي لا إله إلا هو فله وجه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (يا معشر اليهود والذي لا إله إلّا هو لتعلمون أني رسول الله) (?).