بربع القامة مصلحة لهم وحرصاً على اجتماعهم على هذه الشعيرة وفي هذا إثبات المقدرات بالقياس رداً على أهل العراق (?).

وبهذا يتبين أنَّ فضل الجماعة أفضل من فضل أول الوقت، والدليل عليه الحاسم للإشكال أنه لو أن أهل بلد اتفقوا على ترك الجماعة قوتلوا، ولو اتفقوا على ترك أول الوقت لم يلاموا، ومن الرفق بهم أن قدّر لهم وقت العصر ببياض الشمس؛ لأن تقديره بظل الشخص بمثله لا يمكن إلا لمن حصله أول الزوال. ولما كان إهماله عند الخلق لكثرة أشغالهم أكثر من تحصيله عدل بهم إلى البياض لأنه دليله وأقرب في التحصيل منه وحده في المغرب وقتاً واحداً، وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، (أنَّها إِلَى مَغِيب الشَّفَقِ) (?) في وقت وصارت المغرب ما بين الشفق والمغرب كالصبح ما بين الفجر والطلوع، إلا أنَّ المبادرة بها أفضل وتزيد على سائر الصلوات في ذلك بأن وقتها يدخل على ذكرى من الخلق وفراغ من أعمالهم فلا وجه لتأخيرها، وقد روي عن مالك أن وقتها عند غروب الشمس واحد (?).

ولا ينبغي أن يلتفت إليه لأن الموطّأ رواه عنه خلق كثير وكتبه بيده وأقرأه عمره، لمن روى عنه هذا الذي فيه من أنّ المغرب لها وقتان، ولمن روى خلافه فلا يصح أن يترك هذا الخبر المتواتر لذلك الخبر الواحد المظنون.

مزيد إيضاح:

لما كتب عمر، رضي الله عنه، إلى العمال، في إقامة الصلوات بالناس جماعة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015