يكون كل واحدٍ منهما عاقلاً بالغًا على اختلافٍ وتفصيل لم يتقدم عليه حجر باتفاق ولا أدركه سفه في ماله باختلاف. ثانيها: أهلية المعقود عليه لمورد العقد وذلك بأن يكون متمولًا متملكًا عريًا عن حق الله فيه بأمر أو نهي وعن حق لآدمي غير الذي يباشر العقد. ثالثها: انتظام العقد بائتلاف الإيجاب والقبول فيه مطردين. فأما شرط (?) العقل فلأن المجنون ليس له قول حسًا ولا شرعًا باتفاقٍ من العلماء، وأما شرط (?) البلوغ فلأن الصبي لا يصح له التصرف بنفسه لنقصان عقله وقلة بصيرته حتى يبلغ حد المعرفة ويتوجه عليه خطاب التكليف. أما إن العلماء اختلفوا في صحة عقده إذا أذن له وليه فقال مالك (?) وأبو حنيفة (?): يجوز ذلك ويترتب على عقده بعد الإذن أحكام العقد الصحيح. وقال الشافعي: قوله لغو حتى يبلغ (?). والصحيح ما ذهبنا إليه بدليل قوله تعالى: {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن أنستم منهم رشدًا} (?) الآية فأذن في ابتلائهم قبل البلوغ ولا يختبرون إلَّا بالاذن لهم في التصرف وهذا ظاهر بيّن. وأما نفي الحجر عنه فلأنه إذأكان محجورًا عن ماله لعلة صغره أو قلة نظره حتى (?). كان قوله معدومًا في حق نفسه. فأما لو لم يكن حجرًا لكان شأنه السفه والتبذير فاختلف فيه العلماء على قولين: منهم من رد فعله ومنهم من جوزه وهو المشهور من مذهبنا والصحيح في الدين لوجهين: أحدهما: أنه محمول على أصل تصرفه في الإمضاء حتى يرد دليل الرد. والثاني: أنّا لو رددنا أفعاله لكان في ذلك ضرر على من عامله فلحوق المضرة به في تلف ماله أولى من إتلاف مال غيره في صيانة ماله (?). وأما أهلية المعقود عليه فلا بد أن يكون ما لا تميل إليه الطباع وتتعلق به الأطماع ولا بد أن يكون طيبًا وهو كل ما أذن الشرع في اكتسابه، قال الله تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطييات} (?) وذلك معناه في أحد الأقوال ومن حقه أن يكون خاليًا عن حق يتعلق بغير