العاقد فيه لما في ذلك من التناقض فإنا لو جوزنا البيع لوجب أن يحكم للمشتري في القبض والسلطة على التصرف وفي ذلك إبطال للحق الثابت في العين المبيعة قبل البيع. وأما انتظام العقد واطراده باتصال الإيجاب والقبول فهو أصل العقد ومعناه لكن اختلف (?) العلماء إذا لم يتصل القبول بالإيجاب وتأخر عنه فمنهم من قال يبطل لأن اتصالهما عبادة وهو الشافعي (?) ومنهم من قال لا يبطل بالتير اليسير واختلفوا في التأخير الكثير وحدّ الكثرة فيه والذي يقتضيه الدليل جواز تأخير الإيجاب عن القبول - ما تأخرعنه لا يقطعه طول المدة عن أن يكون قبولًا له كما لا يمتنع أن يكون جواب الكلام بعد المدة الطويلة جوابًا له - لكنه يعترض ههنا أمران: أحدهما في النكاح والثاني في البيع. فأما الذي يعترض بالنكاح بتأخير القبول عن الإيجاب فهو إيقاف الفرج على الحل والحرمة والفروج لا تحمل ذلك ولذلك لم يدخله شرط الخيار فلا ينبغي أن يتأخر القبول عن الإيجاب فيه لحظة والعجب من علمائنا أن قالوا يجوز أن يتأخر القبول عن الإيجاب ثلاثة أيام وهو ما بين مصر والقلزم ولا يجوز فيه اشتراط الخيار ساعةً من نهارٍ. وأما البيع فلا نبالي فيه عن طول المدى إلَّا ما يتطرق في أثناء ذلك إلى السلعة من فسادٍ يلحق عينها أوحط يدرك ثمنها وللناس غرض في قدر أموالهم كما لهم غرض في أعيانها (?).
تأصيل: اختلفت آراء (?) الناس في أصول البيوع وأدارها المتكلمون على أربعة أحاديث وأدارها الفقهاء على أربعة وزاد مالك فيها أصلين وقد أفضنا ذلك حيث جمعنا مسائل الفروع وحيث نظرنا في شرح الحديث ونحن الآن نبني الكلام في هذا القبس على معنًى يوافق غرض مالك في الموطأ خاصة ونفرع على قالب (?) قوله فيه فنقول: الأصول ستة: أربعةٌ من الحديث واثنان من المعنى.
الأول: حديث الربا قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: (لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الفضة بالفضة ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلَّا سواء بسواء عينًا بعين يدًا بيد) (?) وهذا